الجزء الأول:
الجزء الثاني:
الجزء الثالث:
الجزء الرابع:
الجزء الخامس:
«لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء».... هذا هو نص فتوي أصدرتها المؤسسة الدينية في مصر بتاريخ 22-10-2002 موقعة من كل من شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ومفتي الجمهورية السابق الدكتور أحمد الطيب - ووزير الأوقاف - الدكتور محمود حمدي زقزوق، حين خاطب وزير العدل الأسبق المستشار فاروق سيف النصر هذه الجهات مجتمعة من أجل معرفة الموقف الشرعي من قضية تعيين المرأة في القضاء، وبالرغم من أنها فتوي صريحة وواضحة وضوح الشمس، فإن كثيرًا من القضاة وللأسف شيوخهم الرافضين لتولي المرأة القضاء دائما ما يرددون في حجتهم لرفض تعيين المرأة في القضاء، أنه أمر مخالف للشريعة الإسلامية، وكان ذلك أحد الأسباب التي استندت إليها الجمعية العمومية لمجلس الدولة في رفضها بالإجماع علي جلوس المرأة علي منصة مجلس الدولة، حيث أكد قضاة مجلس الدولة أن تلك القضية محسومة برأي الشرع وإجماع الفقهاء بعدم جواز تولي المرأة القضاء، كما قالوا إن تعيينها يتنافي مع نص المادة الثانية من الدستور... ولا ندري من أين أتوا بهذه الحجج التي تخالف ما انتهت إليه المؤسسة الدينية في مصر.
ليس فقط الموقف الشرعي هو ما يؤيد حق المرأة في شغل وظيفة القضاء، لكن جميع الحقوق القانونية والدستورية والمعاهدات والمواثيق الدولية وما استقرت عليه أحكام القضاء تؤكد هذا الحق بشكل أصيل، ذلك هو ما انتهت إليه دراسة كانت قد أعدتها وزارة العدل في عهد المستشار الراحل فاروق سيف النصر في 2002 وصدق عليها كل من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف، والتي تناولت قضية تعيين المرأة في القضاء من خلال ثلاثة جوانب، الأول هو موقف الشريعه الإسلامية والفقه الإسلامي من تولية القضاء للمرأة، والثاني هي تجربة تولي المرأة لوظيفة القضاء في الدول العربية والإسلامية، والثالث هو موقف المشرع المصري من اشتغال المرأة بالقضاء.
«الدستور» تنشر أهم ما ورد الدراسة التي أعدتها وزارة العدل وتؤكد حق المرأة الشرعي والدستوري والقانوني والحقوقي في شغل منصب قاضية.
السيد الفاضل الأستاذ المستشار/ فاروق سيف النصر
وزير العدل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد...
فقد قرأنا بعناية هذا التقرير القيم الذي وصلنا من سيادتكم حول ولاية المرأة القضاء في مصر، والذي اشتمل علي بحوث وافية وعميقة.
منها: بيان موقف الشريعة والفقه الإسلامي من تولية المرأة للقضاء، ومنها: أن هناك أربع عشرة دولة عربية وإسلامية قد تولت المرأة فيها وظيفة القضاء.
ومنها: موقف المشرع المصري من اشتغال المرأة بالقضاء.. وجعلتم ذلك في ستة أبحاث: استعرضتم خلالها: الوضع التشريعي والمواثيق الدولية، ومسلك مجلس الدولة في شأن تولي المرأة القضاء، ورأي المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن، والصعاب التي تعرقل تولي المرأة القضاء وكيفية تذليلها.
ثم ختمتم تلك البحوث القيمة بتوصيات حكيمة.
وللحق أن هذه البحوث الممتازة حول ولاية المرأة القضاء في مصر تعد علي رأس البحوث الشاملة والدقيقة التي كتبت في هذا الموضوع.
وأننا نؤيد سيادتكم في أنه لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء.
كما أننا نؤيد سيادتكم في تلك التوصيات الأربع .
وفقكم الله وسدد خطاكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي الجمهورية
د. أحمد محمد الطيب
وزير الأوقاف
د. محمود حمدي زقزوق
شيخ الأزهر
د. محمد سيد طنطاوي
ولاية المرأة القضاء في مصر
- تعد قضية اشتغال المرأة واحدة من القضايا التي تواجه عالمنا المعاصر الذي يعيش علي أعتاب تحولات كبيرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا شك في أن هذه التحولات ستضع المرأة في المجتمع العربي ـ بصفة خاصة ـ علي أبواب منعطف جديد يمكن أن تستعيد به مكانتها في المجتمع ويمكن أيضاً أن تتخلص من خلاله من الأوضاع التي أحاطت وجودها الإنساني، فحولتها إلي طاقة معطلة، فافتقد المجتمع نتيجة لذلك قدراً كبيراً من طاقاته.
- ولعل من الضروري أن نذكر أن تلك الأوضاع التي عاشتها المرأة العربية طوال قرون عديدة كانت أوضاعاً غريبة علي تراثنا الحضاري.
فلقد عرف التاريخ الإسلامي كثيرات من النساء لهن صفحات ناصعة، وعرف تاريخنا المعاصر أيضاً نساء كثيرات برزن في مختلف المجالات اجتماعية أو علمية أو أدبية.
- وقد اختلف الموقف من المرأة في مصر تبعاً لاختلاف مراحل التطور، فقد كانت في عهود التبعية الاستعمارية محرومة من الكثير من حقوقها الطبيعية، وأضفت الأعراف والتقاليد آنذاك دوراً كبيراً في تكريس هذا الواقع لمنطلقات ومواقف التمييز ضد المرأة.
- وحين تحررت مصر من التبعية الاستعمارية طرأ تبديل في الموقف إزاء المرأة، حيث حصلت علي بعض حقوقها، واتسع تدريجياً نطاق مشاركتها في الحياة العامة، بحيث أضحت حقوق المرأة الآن لا تحتمل إنكاراً أو غموضاً، فلقد تجسدت هذه الحقوق في ضمير المجتمع المصري المعاصر، وأضفت الشرعية القانونية علي منطلقات حقوقها، وعلي إسهامها الفعال الذي يمكن أن تؤديه في تقدم المجتمع وازدهاره.
موقف الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي من تولية القضاء للمرأة
- في وسط الظلام المدلهم الذي عم العالم، جاء النبي صلوات الله وسلامه عليه وبوحي من الله سبحانه وتعالي فأعطي للمرأة مكانتها وحفظ لها كرامتها، ونزل الدستور الإلهي بحقوق مشروعة للمرأة ورفعها من المهانة والامتهان الذي أحدق بها في عصور الجاهلية إلي مكانة الإنسان المعدود من ذرية آدم وحواء.
- ولقد اعترف الإسلام بحقوق متعددة ومتنوعة للمرأة، لا نستطيع في هذا المقام أن نضعها تحت حصر، فليس في أحكام الإسلام حائل بينها وبين عمل شريف تؤديه، فلها مثل ما للرجل وعليها مثل ما عليه، وأن الأعمال المباحة للرجل هي المباحة للمرأة بغير تمييز.
- أما فيما يتعلق بتولي المرأة للقضاء، فلا يوجد نص في الكتاب أو السنة قطعي في ثبوته ودلالته يمنع المرأة من ولاية القضاء.
أما الفقه الإسلامي فقد اختلف في هذا الصدد ما بين منكر لأهليتها للاشتغال بالقضاء وما بين مؤيد لتوليها إياه.
(1) فلا تصلح أن تكون المرأة قاضية عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ونفر من الحنفية.
(2) أما الأحناف فقد ذهبوا إلي جواز أن تكون المرأة قاضية في غير الحدود والقصاص.
(3) غير أن الخوارج، وابن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري، وابن القاسم من المالكية، قد ذهبوا إلي القول بجواز توليتها القضاء في كل شيء.
- ونفصل فيما يلي رأي كل فريق منهم وأدلته فيما ذهب إليه:
(1) فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، قد ذهبوا إلي أن الذكورة شرط لابد من توافره فيمن يتولي القضاء.
واحتج الجمهور علي ما ذهب إليه بقول الله تبارك وتعالي في محكم آياته «الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض)، ولقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة).
واستدل الجمهور علي ما ذهبوا إليه بأن المرأة لا تصلح للإمامة العظمي ولا لتولية البلدان، والقضاء فرع من الولاية العامة، ولهذا لم يول الرسول صلي الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد ولو كان ذلك جائزاً ما خلا منه جميع الزمان غالباً.
(2) أما فقهاء الحنفية، فقد ذهبوا إلي صلاحية المرأة للقضاء وأهليتها له فيما تشهد فيه، وهي تشهد في كل شيء إلا في الحدود والقصاص، فحكم القضاء يستقي من حكم الشهادة ومبني عليها إذ كل منهما من باب الولاية، فكل ما يجوز لها أن تشهد فيه يجوز لها أن تقضي فيه، والمرأة أهل للشهادة فيما عدا الحدود والقصاص فهي أهل للقضاء في غيرها.
ويقول الكاساني: «وأما الذكورة فليست من شروط جواز التقليد للقضاء في الجملة، لأن المرأة من أهل الشهادة في الجملة إلا أنها لا تقضي في الحدود والقصاص لأنه لا شهادة لها في ذلك، وأهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة»
...
المزيد على موقع جريدة الدستور المصرية
http://dostor.org/weekly/reportage/10/march/2/8206
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق